لقد أثبتت جراحات السمنة المفرطة في الآونة الأخيرة نجاحًا هائلاً في التخلص من السمنة المفرطة بشكل نهائي وسريع مع عدم حرمان المريض من تناول ما يحب من الأطعمة والمشروبات بالكميات التي يريدها.
بالرغم من ذلك، فإنه لا تزال هناك بعض الحالات التي لا تحصل على النتائج المرجوة بعد إجراء الجراحة لعدة أسباب، وهذا يتوقف على مدى خبرة ومهارة الجراح في تحديد نوع جراحة السمنة المفرطة المناسبة لكل مريض للحصول على نتائج مثالية ودائمة.
عند بداية ظهور جراحة تكميم المعدة شاع استخدامها بشكل كبير في علاج جميع حالات السمنة المفرطة للتخلص من الوزن الزائد في أقل من ثلاثة أشهر. ولكن بعد مرور ثلاث سنوات أو خمس سنوات من إجراء جراحة السمنة ، أثبتت الجراحة فشلاً كبيرًا يصل إلى نسبة 25% نظرًا لحدوث انتكاسة للمرضى واستردادهم للوزن الزائد.
وبعد الدراسة الدقيقة للحالات ثبت أن جراحة السمنة تكميم المعدة مناسبة للمرضى الذين لا يعانون من الشراهة في تناول السكريات والمشروبات الغازية والحلويات نظرًا لاحتوائها على كميات هائلة من السكر وقدرة المعدة مهما بلغ صغر حجمها على استيعاب كميات كبيرة منها.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت جراحة السمنة تكميم المعدة مناسبة لفئة معينة من مرضى السمنة المفرطة ممن يعانون من تناول كميات كبيرة من النشويات والدهون وغيرها ولكن لا يكثرون من السكريات والعصائر.
إلا أن جهل بعض أطباء السمنة المفرطة لهذه المعلومة واستسهالهم جراحة السمنة تكميم المعدة نظرًا لشهرتها الواسعة بين المرضى، يجعلهم يتغاضون عن تلك الحقيقة ويجرونها لجميع من يلجأ إليهم لمساعدتهم في الحصول على الوزن المثالي وهذا ما يعرض المرضى لانتكاسة فيما بعد.
ومن ثَم يتعين على مريض السمنة المفرطة بذل قصارى جهده لاختيار جراح السمنه الخبير والمختص والقادر على تشخيص الحالة بشكل سليم واختيار الجراحة الأمثل بكل أمانة واحترافية لضمان أفضل النتائج.
تعد جراحة تحويل المسار المصغر للمعدة طفرة هائلة في مجال جراحات السمنة وعلاج السكر. تتمثل هذه الجراحة من جزأين وهما استبعاد جزء من المعدة وجزء من الأمعاء وعمل وصلة من المعدة إلى الأمعاء للتخلص من الكمية الزائدة من الطعام ليتم إخراجها دون أن يمتصها الجسم.
وقد نجحت جراحة السمنة التحويل المصغر في تخليص الغالبية العظمى من مرضى السمنة المفرطة حتى من يعانون من النهم في تناول السكريات والحلوى من الوزن الزائد بشكل سريع في أقل من ستة أشهر.
كما نجحت جراحة تحويل المسار المصغر للمعدة هذه في علاج مرضى السكر من النوعين من السكر وضبط مستوى الأنسولين في الدم بشكل سريع ودائم حتى إذا لم يكونوا من مرضى السمنة المفرطة. بالرغم من فعالية هذه الجراحة، إلا أنها تستلزم مهارة بالغة من الجراح وخبرة ومعرفة بأحدث المعايير والمقاييس العالمية اللازم اتباعها في الأجزاء التي يتم استبعادها من المعدة والأمعاء والمقاييس المثلى حسب حالة كل مريض من مرضى السمنة أو مرضى السكر غير المصابين بالسمنة المفرطة.
قد يؤدي عجز الجراح عن تحديد الجراحة الصحيحة والمقاييس الملائمة لحالة المريض إلى الإصابة بنحافة مفرطة بعد إجراء الجراحة أو المعاناة من بعض المشكلات الصحية الأخرى نتيجةً لذلك.
عرضنا فيما سبق بعض الأمثلة على مدى أهمية مهارة وخبرة الجراح في تحديد جراحة السمنة الملائمة لكل مريض وفي ضمان نجاح العملية على المدى الطويل.
ومن ثَم فإن المريض مسؤول مسؤولية كبرى عن كل ما يتعرض له من مخاطر نتيجة التساهل في اختيار الجراح الأمثل حتى يأتمنه على صحته ومستقبله. فمهما بلغ تطور العلم والتقنيات الحديثة، لا زال العنصر البشري هو المحور الأساسي لضمان فعالية هذه التقنيات والجراحات، لذا لا شك بأن جراح ماهر يعني جراحة ناجحة وصحة جيدة.