الابتلاء سنة قائمة ـ إن مع العسر يسراً-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الشباب لعل مقالي لكم يكون في زمن اليأس بدعاً من القول؛ غير أني أرجو أن يكون الحق منه، فما أحرانا في زمن كثرت فيه البلايا والرزايا؛ واختلطت الأقلام بالرماح والأعلام بالجراح؛ أن ندع الآلام ونذكر الآمال، حيث إن الآلام كثيرة والجراح وفيرة؛ بيد أن الصبح قريب؛ والنصر مع الصبر؛ والفرج بعد الكرب؛ وإن مع العسر يسراً.
أيتها الشعلة المضيئة في زمن الظلام، يا شباب المجـد وقـوة الغـد..تعالوا لنقرأ
الحقيقة في عجائب الأيام وأحداث الزمان وأيّام الله، فالأيام مذ خلق الله
السماوات والأرض في ستة منها مليئة بالأخبار: الغث منها والسمين؛ والسّار
والمحزن؛ والحق والباطل؛ وفي ذلك عبرة لأولي الأبصار؛ وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
في هذا الزمن الذي نعيش كثرت الهجمات على أمة الإسلام؛ حتى إن الناس لا
يستريحون من عاصفة إلا وتهب أخرى؛ ولا يضمدون جراحهم حتى تنـزل بهم مصيبة جديدة، ولا يلمون شعثهم حتى يختبرون في ميدان جديد. فالذين يديرون اللعبة ضد الإسلام كثر، والذي يحاول حراسة الملعب لاعب واحد هو من أخلص دينه لله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
لكن السؤال أيها المتحابون في رحاب الله هو: هل هذه هي المرة الأولى التي
يواجه فيها الحق كل صفوف الباطل؟ {كذلك يضرب الله الحق والباطل أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} (الرعد 17)
أخي.. إن ما تراه اليوم هو عبارة عن عاصفة رمى بها الباطل وأهله على أعتاب أهل الحق، وبعد أن تضع العاصفة أوزارها سيتلاشى الزبد الذي علا السيل فأصبح زبداً رابياً، وسيشرب الناس المـاء العذب، وأما ما يوقده الناس من النار تحت القدر فسيؤدي إلى استخراج الذهب الخالص، لأن شدة الغليان تؤدي إلى اضمحلال الزبد فيلتصق بجوانب القدر \"ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله\" - سورة الرعد: الآية 17.
فيا من تحملون في قلوبكم رايـة الحق، سيزهق الباطل بإذن الله وسيطلع الفجر
ويندحر الظلم \"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجر من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين\" - سورة يوسف: الآية 110.
يا شباب الحرية والكرامة؛ ويا أُنس الوحشة ومصباح الدجى؛ ليست هذه هي المرة الأولى التي ينشب فيها الصراع بين الحق والباطل، فلقد تفرعـن كثير من الطواغيت عبر صفحات التاريخ فكل فرعون وطاغوت كانت له حكاية وحكاية: \"فحشر فنادى، فقال أنا ربكم الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى\" - سورة النازعات.
سأخرج بك أيها الشـاب العاشـق للحقيقة إلى أن ما يجري اليوم سلسلة بدأت منذ أمد بعيد، فكلما خبا شعاع الحق ونام أهله استيقظوا على زحمة مثل هذه، وعهدي بهم يستيقظون، وسوف توافقني بعد أن تقـرأ في المسـتقبل ما سأسـطره لك إن شاء الله تحت عنوان \"ولا تهنــوا\" أن حلقة الكرب أوشكت أن تنفرج، وأن السماء قاربت أن تنجلي، وأن الغبار سينقشـع، لأن الابتلاء سـنة الله مع أهل الحق، \"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب\" - سورة البقرة: الآية 214