فتاوى : هل يجوز أكل صيد المقلاع أو الشعبة ( النقيفة ) ؟
من : المجلس الاسلامي للافتاء
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أكل صيد المقلاع أو الشعبة ( النقيفة ) ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
عن عبد الله بن المغفل أن رسول r نهى عن الخذف وقال : ( إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدواً ولكنها تكسر السن وتفقأ العين ) . [ متفق عليه ] .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال : ( من قتل عصفوراً بغير حقه سأله الله يوم القيامة ). قيل يا رسول الله وما حقه ؟ قال : ( أن تذبحه ولا تأخذ بعنقه ) .
[ رواه أحمد (2/166) , والحاكم في المستدرك (4/233) وصححه ووافقه الذهبي ] .
وعن إبراهيم عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رميت فسميت فَخَزَقتَ فكلْ , ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت ولا تأكل من البُندَقة إلا ما ذكيت ) .
[ رواه أحمد (4/380) ] . وهو مرسل لأن إبراهيم لم يسمع من عدي . ولكن أصله في الصحيحين ؛ غير قوله : ( ولا تأكل البندقة إلا ما ذكيت ) – أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/247/19734) , قال : نا حفص عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال : ( لا تأكل ما أصبت بالبندقة أو بالحجر إلا ما تذكي ) .
وفي(4/247/19737) قال : نا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال : ( لا تأكل من صيد البندقة إلا ما ذكيت ) . وقد تفرد في هذه الرواية بزيادة : ( ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت ) . وقد ضعف هذه الرواية احمد . انظر : ( العلل ومعرفة الرجال (1/253/356).
بناء على ما تقدم من الأحاديث فقد اختلف العلماء في حكم أكل ما صيد بالحجر ( البُندقة ) أو المعراض .
أما المعراض:
(المعراض : خشبة ثقيلة أو عصا في طرفها حديدة وقد تكون بغير حديدة) .
فذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد وجماهير العلماء كطاووس وقتادة وغيرهم أنه إذا أصاب المعراض الصيد فخزقه حل أكله .
ودليلهم حديث البخاري ( الفتح 9/519/5477) : عن عدي بن حاتم قلت يا رسول الله ... وإنا نرمي بالمعراض . قال : ( كلْ ما خرق وما أصاب بعرضه فلا تأكل ) .
وإذا قتله بعرضه ولم يخرقه أو يخزقه فهو وقيذ لا يحل .
والدليل حديث البخاري ( الفتح 9/518/5476) عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعراض فقال : ( إذا أصبت بحده فكل فإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل ) .
انظر:الام ( 2/350) . الموطأ ص(392) . رد المحتار (10/59) . كشاف القناع (6/278).
والذي نراه في المعراض وما هو في بابه أنه إذا ذكر اسم الله عند الإلقاء والرمي فأصاب الصيد فخرقه أو خزقه فهو صيد يحل أكله , لأن الحديث نصٌ في ذلك , فإن لم يخرق وأدرك فيه حياة فذكاهُ جاز أكله , وإن لم يدرك فيه حياة وقتله بعرضه ولم يخرقه فهو موقوذة لا يحل أكلها وهذا رأي الجمهور .
أما الحجر ( البُندقة ) :
الخذف(الحجر) : هو الرمي بحصاة أو نواة , أو هو الحصاة يرمى بها الطائر ويطلق على المقلاع .
البندقة : كتلة من طين يبس , يرمى بها .
انظر : نيل الاوطار . الشوكاني (8/138).
فجمهور العلماء على حرمة ما قتل بالحجر والبُندقة(الحجر) لأنه موقوذة .
منهم: سالم والقاسم ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن وعكرمة والثوري ومالك والشافعي
وأبو ثور . أنظر : [ فتح الباري 9/518 ] .
قال ابن قدامة في المغني (11/38/7751) : ولا يؤكل ما قتل بالبندق أو الحجر لأنه موقوذ .
وقال في رد المحتار (10/57) : ولا يحل صيد البُندقة والحجر والمعراض والعصا وما أشبه ذلك وإن جرح لأنه لا يخرق , إلا أن يكون شيء من ذلك قد حدده وطوله كالسهم وأمكن الرمي به .
وقال في الروض المربع (ص507) وما ليس بمجرد كالبندقة والعصا والشبكة والفخ لا يحل ما قتل به .
وقال في كشاف القناع (6/278) : فإن قتله بثقله لم يبح كشبكة وفخ وبندقة وعصا وحجر لا حد له .
وقال ابن قدامة في المغني (11/38/7751) : ولنا قول الله تعالى : { والموقوذة } ؛ روى سعيد بإسناده عن إبراهيم عن عدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت ) .
وقال ابن عمر في المقتولة بالبندقة : تلك الموقوذة .
قال مالك عن نافع : " رميت طائرين بحجر فأصابهما فأما أحدهما فطرحه ابن عمر " .
وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر : " كان يكره ما قتل بالمعراض والبندقة " .
وقال عطاء : " إن رميت صيداً ببندقة فأدركت ذكاته فكله وإلا فلا تأكله " .
وعن الحسن البصري قال : " إذا رمى الرجل الصيد بالجلاهقة ( البندقة بالفارسية ) فلا يأكل إلا أن يدرك ذكاته " .
أنظر : [ فتح الباري (9/518 – 519 ) , الموطأ (ص392) , المحلى (6/152) , مصنف ابن أبي شيبة (4/246/19731,19734, 19735, 19737, 19739) ] .
ومما استدل به هؤلاء العلماء :الحديث ( نهى عن الخذف وقال : إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين ) متفق عليه .
والذي نراه : انه يكره الصيد بالحجر وما شابه . فإن صيد فقتل فهو موقوذة لا تؤكل . وإن أدرك الرامي الطير وبه حياة فذكاه ذكاة شرعية جاز أكله , فإن لم يدركه فهو حرام لا يحل أكله على أنه موقوذة .
والله تعالى أعلم
المجلس الاسلامي للافتاء