فإن النبي صلى الله عليه وسلم التقى بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج روحاً وجسداً، وصلى بهم كذلك،على الراجح من أقوال أهل العلم.
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما ؛ منها: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرْبٌ جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم -يعني نفسه-، فحانت الصلاة، فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد، هذا مالك صاحب النار، فسلِّم عليه، فالتفت إليه فبدأني بالسلام.
وأما سؤالك كيف كان ذلك؟ فهو مما لا إدراك لنا به، وهو من الأمور الغيبية التي يجب التصديق بها من غير شك، فما دام صح الخبر عنه صلى الله عليه وسلم إن قال فقد صدق، وبذلك نال أبو بكر درجة الصديقية لما كذب كفار قريش بحادثة الإسراء والمعراج، وبذلك امتدح الله عباده في أول كتابه وسماهم المتقين فقال: الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) {البقرة:1-5}