{إذا كانت البركة تنزل وسط الطعام ، فلماذا لا نأكل من وسطه ؟}}
بسم الله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله اما بعد
روى أبو داود – واللفظ له - والترمذي وابن ماجة وأحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا )
ولفظ ابن ماجة : ( إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ وَذَرُوا وَسَطَهُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
وروى ابن ماجة عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ الثَّرِيدِ فَقَالَ : ( كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ مِنْ حَوَالَيْهَا وَاعْفُوا رَأْسَهَا ؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَأْتِيهَا مِنْ فَوْقِهَا ) صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" عن واثلة ولفظه : ( خذوا بسم الله خذوا من حواليها ولا تأخذوا من أعلاها ؛ فإن البركة تنحدر من أعلاها )
ورواه ابن عساكر في "تاريخه" ولفظه :
( خذوا بسم الله من حواليها واعفوا رأسها ؛ فإن البركة تأتيها من فوقها ، وإنها تمدّ )
فتبين بهذه الروايات أن البركة التي هي من عند الله
، تنزل على رأس الطعام وأعاليه ، ثم تنحدر إلى جوانبه ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى المحافظة عليها بأن يأكلوا من جوانب القصعة ،
حيث تنزل البركة إلى تلك الجوانب ، فيأخذ كل واحد نصيبه منها .
ونهى صلى الله عليه وسلم أن يأكلوا من رأسها وأعلاها
؛ لأنهم متى فعلوا ذلك ذهبت البركة من الطعام ، وربما لم يصب أحدهم منها شيئا ؛ لأن أعلاها فيه البركة ، ومتى ذهب بعضهم بأعلاها ذهبت البركة ، ولم يبق شيء ينحدر منها من أعلاها إلى جوانبها ، وفي هذا من سوء الأدب وسوء العشرة والشره والحرص وعدم القناعة ما يجعل الناس يشمئزون وينفرون من الطعام ومن مجلسه ، وبذلك تذهب البركة أو تقل .
قال الصنعاني رحمه الله :
" دل على النهي عن الأكل من وسط القصعة ، وعلله بأنه تنزل البركة في وسطها ، وكأنه إذا أكل منه لم تنزل البركة على الطعام "سبل السلام"
وقال الحافظ العراقي رحمه الله :
" وجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام أفضله وأطيبه ، فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته ، وهو ترك أدب وسوء عشرة .
والمراد بالبركة هنا الإمداد من الله "