يذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي رجلاً في ضعف وبؤس وضيق حال كان يذهب ويسعي لوالده فإذا جاء بأجرة يومه وضعها على المنضدة وذلك استحياء من أن يمدها بيده لأبيه فتكون منة على أبيه
يقول الرجل: فكنت كلما أضع المال بين يديه يدعو الله
ويقول: اللهم ارزق ابني القرآن واجعله من أهله فبلغ أكثر من عشرين عاماً وهو تائه في الأعمال حتى شاء الله يوماً من الأيام وهو راجع من عمله إذا به يلتقي بعالم كان عمدة في بلده في الفتوى
فقال العالم للرجل: ما الذي أنت فيه؟
قال الرجل: ما ترى أسعي بالرزق.
قال العالم: هل لك أن تجعل لي يوماً من أسبوعك؟
قال الرجل: نعم ونعمت عيني بذلك فما زال يتردد عليه حتى جاء اليوم الذي يناقش فيه الرجل في رسالة الدكتوراه في تفسير القرآن الكريم فلما دعي للمناقشة وجلس إذا بشيخه وأستاذه يقوم مهابة له وإجلالاً لما كان له من العلم
فقال: تفضل يا شيخ ومن المعلوم أن الشيخ لا يتنزل لطالبه
وإذا به أمام الجمع قال: هالني ما رأيت فيه من العلم والمعرفة بكتاب الله فعظمته وأجللته فلما تفضل الرجل جلس وهو يبكي
فقال الشيخ:تبكي ونحن نريد أن نجلك؟
قال الرجل:تذكرت دعوة أبي - رحمه الله - اللهم ارزق ابني القرآن واجعله من أهله
فبلغه الله هذه المنزلة العظيمة