بسم الله الرحمن الرحيم
تُلاقي الأمة أعتى المآسي وأدمَى المجازِر، فظائعَ دامِية، وجرائمِ عاتيَة، ونوازلَ عاثِرة، وجراحًا غائِرة، غُصَصًا تثير كوامِن الأشجَان، وتبعَث على الأسَى والأحزان، في كلِّ ناحيةٍ صوتُ منتِحِب، وفي كلّ شِبر باغٍ ومغتصِب. لم يرحَموا شيخًا لضعف قدمِه وأوصالِه،ولا مريضًا لمرضِه وهُزالِه، ولا رَجلاً لأجلِ عيالِه، ولا طِفلاً لهوانِ حالِه، ولا امرأةً تبكي لعِظم المصاب وأهوالِه.
سياساتٌ بلا عَدل، وهمجيَّةٌ بلا عَقل، وقدَقَـالَ رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْـوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)).
فإذا كان مجرَّدُ الإشارة إلى مسلم بالسِّلاح نهى عنْه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحذَّر منْه ولو كان المشيرُ بالسِّلاح مازحاً، ولو كان يمازح أخاه من أبيه وأمِّه، لأنه قد يقع المحذورُ، فكيْف بمنْ يزْرعُ القنابلَ والمتفجِّراتِ فيستهْدفُ الأرْواحَ المسلمةَ البريئةَ، فيقْتُلُ العشراتِ ويجْرحُ المئاتِ ويروِّعُ الآلافَ من المسلمينَ... كيْف بمنْ يقتُلُ الصَّغيرَ والمرْأةَ والشَّيْخَ العجوزَ، من غيْر جريرةٍ اقْترفوها...
إنَّ مَنْ فعلَ ذلكَ كان معرَّضاً لأشدِّ العذابِ والعقابِ والوعيدِ إن لم يتب ومن فعل ذلك؟ ومن له المصلحة في ذلك؟ ومن المستفيد من ذلك ؟ نفتح عليْها علامات استفْهام كبيرة ،قال الله تعالى وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً وليسَ لنا السكوت عن هذا كله ولابد من معرفة وكشف معلمي ومفتي التطرف والغلو وعلى الأمّة أن تحذَر في هذا الوقتِ كلَّ ناعق ومنافقٍ ممَّن لا تؤمَن غوائلهم، ولا تَقِف مكائِدهم، الذين أزكَموا الأنوفَ بنَتَن هذيانِهم وعفَن أباطيلهم وخطراتهم، التي ضرَّت وجرَّت على الأمّة من الويلات والنّكبات ما جرّت، ينادون بالإصلاح، ويسعَون إلى تغريب الأمّة، وجوهٌ كالحَة،وأفكارٌ خاطِئة، تُثير البلبلَة، وتزرَع بُذور الفُرقة في وقتٍ نحتاج فيه إلى اجتماعِ الكلمَة ووَحدة الصّفِّ والتّعاضُد والتّساند.
وإنَّ ممَّا يُذيب القلبَ كمدًا ويعتصِر له الفؤادُ ألمًا أن ترى بعضَ المتكلمين باسم المسلمين ، ونحن في هذه الأحداثِ المؤلِمة، وهم في غفلةٍ معرِضون، صوَرًا مريضَة شائِهة، ونفوسًا تائهة، تلهو في أحلكِ الظّروف، وتمرَح في أخطرِ المواقف،وتلعَب في زمَن البلاءِ والبأساء والضّرّاء يقول عليه الصلاة والسلام: ((لا ترجِعوا بعدِي كُفّارًا يضرِب بعضُكم رقابَ بعض)) فعندما تسمع الإحداث والتفجيرات وقتل الناس ظلماً تستغرب ولكن إنك لتعجب أكبر العجب عندما ترى وتسمع أن وراء هذا من يدعى الإسلام بل ومن يدعى إتباع السلف الصالح هنا تأخذك الدهشة أكثر فأكثر ولكن لاتبحث عن الفاعل بل إبحث عن من رخص له بذلك وصوره أنه دين يدان به وطريقاً إلى الجنة!!! وما السبب في أن يقتل الإنسان نفسه وغيره من أهل البلد الواحد والجنس الواحد ولكن إذا عرف السبب بطل العجب!! السبب وراء ذلك كله الفكر والنهج التكفيري لكل من ليس من أولئك الجماعات المتسلفة زوراً وبهتاناً نعم إنه الحكم على كل من ليس على نهجهم بالكفر والزندقة وإذا أعتقد ذلك من تبعهم هان عليه قتل الناس وترويعهم لأنهم في حكم الذين تهدر دمائهم آن لنا أن نظهر الحقيقة ونكشف أن وراء الأحداث الإنتحارية في المغرب والحجاز وغيرها من البلاد هم أصحاب الفكر الإرهابي المتطرف المسمى سلفي زوراً وبهتاناً لأن السلف ما كانوا يرمون الناس بالشرك كما نرى ونسمع ونقراء في أفكار هؤلاء الذين هم اتباع رجل لاأتباع دين أونبي و قديعجِبك كلامُه وربّما خدعَك بعضُ أقوالِه واستحسنتَ بعضَ آرائه، ولكنّها في الواقعِ على خلافِ الحقّ والهدى يدّعي الإصلاحَ فيما يقول، ويدّعي الخير فيما يتصرّف فيه، ويظهِر أنّه جانِبُ الحقِّ وإنقاذ الإنسان ورحمةِ الخلقِ والعطفِ عليهم، لكن بأيّ سبيل؟ بظلمِ العبادِ، بقتل الأبرياء، وتدمير الممتلكات، بإشاعةِ الفساد، بالظّلم المتعدّي للحدود والعياذ بالله.
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ رسول الله قال: ((لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)) متفق عليه وفي لفظ لمسلم: ((أو قال: عدوّ الله وليس كذلك إلا حار عليه)) ومن المعلوم أن فرقة الخوارج الذين ظهروا في القرون الماضية وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام بقوله يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم ومع ذلك قتلوا من التابعين وكفروا من الصحابة واستحلوا المحرمات وصف النبي صلى الله عليه وسلم لها كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)).
أن هذه الفرقة كثيرة الصلاة والصيام ويحفظون القرآن ويقولون لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يفعلون صور العبادة في الليل والنهار لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه((تحقرون صلاتكم مع صلاتهم)).
هؤلاء هم الخوارج الذين حكموا بغير ما أنزل الله حيث حكموا على المؤمنين بالكفر بارتكابهم الذنوب، فكفروا حتى الصحابة واجتمعوا على قتال المسلمين واستحلال دمائهم وسبي نسائهم ، فخوارج هذا العصر أولئك أصحاب القلوب والعقول المتحجرة الذين يسيؤن الظن في عباد الله فتارة يرمونهم بالشرك ومرة ينسبون البدع إليهم ضاربين بذلك عرض الحائط بأقوال علماء المسلمين والأعجب من هذا كله أن بعض الدول أحتضنتهم وربتهم ليأكلوا في جسد الأمة فانقلب السحر على الساحر وطالت أيدهم مشايخهم الذين لقنوهم دروساً في تكفير الناس ورميهم بالشرك ولا يحيقُ المكر السيِّئ إلا بمن مَكَر، ولا يقَع في حفرتِه إلا مَن حفَر.
وهو الأسلوب نفسه الذي استعمله الأعداء في تدميرِ الخلافةِ الإسلاميّة، فما قتِل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه خير الخلقِ في زمنه إلاّ بأكاذيب الكاذبين وفسادِ المفسدين، وما دمِّركثير من بلاد الإسلام وأهله إلاّ على أيدِي الكاذبين ومن لا بصيرةَ عندهم ولا علمَ عنده.
فليعلم أن من يفعل هذا شرذمة أسائت في القديم واليوم للمسلمين وكوت بفظاظتها وتطرفها أهل الحل والحرم واليوم جاءوا ليخربوا بيوتهم بأيدهم ألم يكفيهم ما يفعل في فلسطين والعراق وغيرها ؟ تركوا العدو وراحوا ليرموا المسلمين بالشرك ثم يريقوا دمائهم فحسبنا الله ونعم الوكيل .