بسم الله الرحمن الرحيم
أفادت نتائج دراسة طبية جديدة بأن وقت إخصاب الأم من العام قد يؤثر بشكل ملموس على الأداء الأكاديمي لطفلها في المستقبل.
ففي دراسة أجراها فريق بحث من كلية طب جامعة إنديانا الأميركية بقيادة الدكتور بول ونشستر أستاذ طب الأطفال الإكلينيكي، وجد الباحثون ارتباطاً بين نتائج امتحانات الأداء الأكاديمي للطلاب وبين الشهر الذي أخصبت فيه والدة الطالب بطفلها.
فالأطفال الذين أخصبت بهم أمهاتهم في شهور الصيف، (يونيو/حزيران، يوليو/تموز، أغسطس/آب)، قد حققوا نتائج أقل بشكل دال في امتحانات الرياضيات واللغات، مقارنة بالطلاب الذين حدث الإخصاب بهم في شهور أخرى من العام.
ودرس الباحثون نتائج امتحانات التقييم الأكاديمي بولاية إنديانا لأكثر من مليون ونصف مليون طالب، تتراوح مراحلهم الدراسية بين الصف الثالث والصف العاشر.
ولاحظ الباحثون استمراراً لهذا الترابط بين نتائج الطلاب في امتحانات الأداء الأكاديمي وبين فصول إخصاب الأمهات بهم، حتى بعد أن أخذوا في الاعتبار عوامل أخرى كالعِرْق والنوع والمرحلة الدراسية للطالب.
المبيدات والأسمدة
يقترح الدكتور ونشستر تفسيراً معقولاً لهذه الظاهرة فيعزوها إلى تأثير المبيدات الحشرية المستخدمة في مكافحة الآفات والحشرات بالمنازل والحقول، وإلى النترات (ملح حامض النتريك) المستخدمة في تسميد وزيادة خصوبة الحدائق والحقول، حيث يبلغ استخدام المبيدات والنترات ذروته في فصل الصيف.
كذلك، تؤثر المبيدات الحشرية البيئية بدورها على مستويات النترات على سطوح المياه في جداول الماء والبحيرات خلال نفس الوقت من العام.
ويقول الدكتور ونشستر إن التعرض للمبيدات الحشرية والنترات يمكن أن يبدل أو يُخِل بالتوازن الهرموني للمرأة الحامل، وهذا بدوره يمكن أن يؤثر سلباً على تطور ونمو دماغ الجنين.
تتمتع هذه النظرية بدعم علمي من أبحاث أخرى سابقة ربطت بين التعرض للمبيدات الحشرية والنترات وبين انخفاض مستويات الهرمون الدرقي (hypothyroidism) لدى النساء الحوامل.
من ناحية أخرى، هناك ارتباط بين انخفاض مستويات الهرمون الدرقي وانخفاض إفراز الغدة الدرقية لدى الأمهات خلال الحمل وبين انخفاض نتائج الأداء الإدراكي لدى الذرية.
العناية بالبيئة
ينوه الدكتور ونشستر إلى أن النتائج الراهنة لهذه الدراسة لا تقدم دليلاً حاسماً أو قاطعاً على أن المبيدات الحشرية والنترات تؤدي مباشرة إلى انخفاض نتائج امتحانات الأداء الأكاديمي، لكن هذه النتائج تدعم بقوة مثل هذه الفرضية العلمية.
ويؤكد ونشستر الحاجة إلى إجراء مزيد من البحث حول هذه المسألة. بيد أن بعض الخبراء يرون في هذه الدراسة أساساً لنطاق جديد من الأبحاث الأساسية والإكلينيكية، ومبادرات تجاه قضايا الصحة العامة.
فالاعتراف بأن ما تجلبه الإنسانية إلى البيئة له آثار مرضية وبائية محتملة على نتائج الحمل، وربما على تطور الطفل، هو أمر في غاية الأهمية. ويؤمل أن يساعد ذلك على تحولات في الطريقة التي تعتني بها الإنسانية بعالمها.
يذكر أن نتائج دراسة الدكتور ونشستر وفريقه قد قدمت الأسبوع الماضي في المؤتمر السنوي لجمعية طب الأطفال الأميركية، وعرضتها شبكة "نيوزمديكال".