بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَ ولا ندَّ له، وأشهد أنَّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾الأنعام/84-85-86.
الصلاة والسلام على أنبياء الله من ءادم الى محمد الذين جعلهم الله تعالى أفضل الخلق بدليل قوله تعالى: ﴿ وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾.
وشرف عظيم لنا اليوم أن نعطر لساننا بذكر خصال وصفات أنبياء الله. فالنبوة اشتقاقها من النبأ أي الخبر لأن النبوة إخبار عن الله، أو اشتقاقها من النبوة أي الارتفاع، فالأنبياء درجاتهم مرتفعة عالية. فيجب اعتقاد أن كل نبي من أنبياء الله يجب أن يكون متصفًا بالصدق والأمانة والفطانة.
فأنبياء الله أحباب الله يستحيل عليهم الكذب لأن ذلك نقص ينافي منصب النبوة. ويستحيل عليهم الخيانة وهي ضد الأمانة، ويستحيل عليهم التلبّس بالرذالة كائنة ما كانت كاختلاس النظر إلى الأجنبية بشهوة. ويستحيل عليهم السفاهة كالذي يقول ألفاظًا شنيعة. ويستحيل عليهم البلادة وهي ضعف الفهم يعني الكلام من المرة الأولى إلا بعد أن يتكرر عليه عدة مرات فهذا كله يستحيل في حق الأنبياء، فما من نبي خائن أو رذيل أو سفيه أو بليد الذهن، والله تعالى حفظهم من الكفر قبل النبوة وبعجها وحفظهم من الكبائر كالزنى وحفظهم من صغائر الخسة كسرقة حبة عنب. وليعلم أن كل الانبياء فصحاء فليس فيهم أرَتّ وهو الذي يكون في لسانه عقدة وحسبة ويعجل في كلامه فلا يطاوعه لسانه، ولا تأتاء ولا ألتغ. وأما الألتغ فهو الذي يصيِّر الراء غينا أو لامًا والسين ثاء مثلاً.
ويستحيل على أنبياء الله سبق اللسان في الشرعيات والعاديات لأنه لو جاز عليهم لارتفعت الثقة في صحة ما يقولونه، ولقال قائل لَما يبلغه كلام عن النبي "ما يُدرينا انه يكون قاله على وجه سبق اللسان" فلا يحصل من النبي أن يصدر منه كلام غير الذي أراد قوله. (وسبق اللسان هو أن يتكلم الإنسان بشىء من غير إرادة بل يجري على لسانه ولم يقصد أن يقوله بالمرة ) .
ويستحيل عليهم أيضًا الجنون وتأثير السحر في عقولهم، فلا يجوز أن يعتقد أن الرسول أثر السحر في عقله .
وأنبياء الله كلهم كانوا ذوي حسن وجمال فلا يجوز عليهم المرض الذي ينفر الناس منهم. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبيًا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيكم احسنهم وجها وأحسنهم صوتا" .
أما نبي الله أيوب ابتلاه الله بلاء شديدًا استمر ثمانية عشر عاما وفقد ماله وأهله ثم عفاه الله وأغناه ورزقه الكثير من الأولاد، بعض الناس الجهال يفترون عليه ويقولون أن الدود أكل جسمه، على زعمهم كان الداود يتساقط ثم يأخذ الدودة ويعيدها إلى مكانها من جسمه ويقول يا مخلوقة ربي كلي من رزقك الذي رزقك. فهذا ضلال مبين والعياذ بالله.
فأنبياء الله كلهم أصحاب خلقة سوية لم يكن فيهم ذو عاهة في خلقته ولم يكن فيهم أعرج ولا كسيح ولا أعمى ، إنما يعقوب من شدة بكائه على يوسف ابيضت عيناه من شدة حزنه على ولده يوسف بكى بكاءً شديدًا حتى ابيضت عيناه ثم ردّ الله تعالى بصره لَما أرسل يوسف بقميصه من مصر إلى البلدة التي فيها أبوه فشم يعقوب ريح يوسف في هذا القميص، الله تعالى جعله يشم ريح يوسف فارتدّ بصيرًا .
وكذلك لا يجوز القول أن ءادم عليه السلام كان متوحشًا قصير القامة شبيهًا بالقرد، فمن قال ذلك فهو ليس بمسلم عند الله .
اللهمّ أمدنا بأمداد الأنبياء الكرام وانفعنا ببركاتهم .
هذا وأستغفر الله لي ولكم