بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ......
الغل و الحقد ... الحسد .... سوء الظن بالآخرين ... وغيرها من الآفات المهلكة ...لهى من أخطر الأمراض التي يبتلى بها الإنسان لأنها تهدد بتدمير العلاقات مع أرق الأقرباء والأصدقاء ..وتمتد لتحرق علاقاته الاجتماعية بصفة عامة ليكتوي بنارها قبل أن تصل أخطارها على المجتمع بأسره ..
لكن لماذا تتمكن هذه الأمراض والتي حذر منها الإسلام من نفوس البعض ؟؟
وما هي الآثار المترتبة بالنسبة لهذه الأمراض على مستوى الفرد والمجتمع؟
وما هو العلاج الأمثل لها ؟
***********************
إخواني وأخواتي في الله ...
جاء الإسلام ليخلص البشرية من أدران الجاهلية وأمراضها، ويقوم السلوك الإنساني ضد أي اعوجاج أو انحراف عن الفطرة السوية، ويقدم العلاج الشافي لأمراض الإنسان في كل العصور القديم منها والحديث، وهو علاج تقبله كل نفس سوية، ولا ترفضه إلا نفوس معاندة مكابرة، جاهلة، أضلها هوى، أو متعة زائلة. فإن أمة الإسلام أمة صفاء ونقاء في العقيدة والعبادات والمعاملات فنسال الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا.
******************************************
الحـقد و الغــــل:
فاعلم رحمك الله أن الغيظ إذا كظم لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن فاحتقن فيه فصار حقدا وعلامته دوام بغض الشخص واستثقاله والنفور منه فالحقد ثمرة الغضب والحسد من نتائج الحقد وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال صلى الله عليه وسلم { لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث} [رواه مسلم].
وقال عليه الصلاة والسلام حاثاً على المحبة والألفة : { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا..} [رواه مسلم] وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال: { كل مخموم القلب صدوق اللسان } قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: { هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد} [رواه ابن ماجه]
وسلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها: (( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )) [الحجر:47] وإنها راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كنا جلوساً مع الرسول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: { يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة } ، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن أوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) [رواه الإمام أحمد.]
ما أعظمه من حديث لو تفكروا به حقا .. من منا يغمض عينيه لينام وما في قلبه شيء على أحد ...؟؟!! إلا من رحم ربي.
***************************************