[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.n3na3.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/10.gif');border:4px inset white;"][cell="filter:;"][align=center]جعل الله سبحانه وتعالى، الليالي والأيام والشهور، محطاً للآجال، ومقادير للأعمال، وجعل منها وفيها، مواسم للخيرات، وأزْمِنة للطاعات، وفاضل بينها، وجعل لكلٍ منها جزاءاً وثوابا، تزدادُ فيها الحسنات، وتكفّر فيها السيّئات، ومن تلك المواسم والأزمنة، يومُ عَرَفَة، فياله من يومٍ عظيمٍ وفضيل، تُقالُ فيه العَثَرَات، وتُجاب فيه الدّعوات، ويُعتق الله فيه أكثر عباده من النّار، وفيه يباهي الله جلّ وعلا الملائكة بأهل عرفات،، ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" ما من يوم أكثر أن يُعتق الله فيه عبيداً من النّار من يومِ عرفة ، إنّه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء"، وفي رواية ابن حبان، عن جابرٍ رضي الله عنه قال :يقول عليه الصلاة والسلام" ما من يومٍ أفضل عند الله من يومِ عرفة ، ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: أنظروا إلى عبادي، جاؤوني شُعثاً غُبراً، جاؤوا من كل فجٍّ عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عِقابي، فلم يُر يوم أكثر عِتقاً من النّار من يوم عرفة"، وقد أقسم الله جلّ وعلا بيوم عرفة، فقال تعالى (وليالٍ عشر) يعني عشر ذي الحجة كما قال ابن عبّاس رضي الله عنه، ويوم عرفة أحد أيام عشر ذي الحجة، وقال تعالى ( وشاهدٍ ومشهود) قال عليه الصلاة والسلام:" اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة"، وفيه أيضاً أكمل الله تعالى الدين، وأتمّ على عباده النّعم، قال عُمر بن الخطّاب-رضي الله عنه: إن رجلاً من اليهود قال: يا أمير المؤمنين إن آيةً في كتابكم تقرأونها، لو نزلت علينا نحن معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال عمر: أي آية؟ قال: (اليومَ أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نِعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا) فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائمٌ بعرفة يوم الجمعة، وفي صيام يوم عرفة أيضاً، فضلٌ كبير، وجزاءٌ عظيم، ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال:" يكفّر السنة الماضية والسنة القابلة"، كذلك ورد عن فضل الدّعاء في يوم عرفة ، ففي الحديث الذي رواه الترمذي، قال عليه الصلاة والسلام" خيرُ الدّعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير"، والوقوف بعرفة هو ركن الحج العظيم، حيث قال عليه الصلاة والسلام" الحجُ عرفة "، والوقوف بعرفة ليس محدداً بالجبل الذي وقف عنده صلى الله عليه وسلم أو بأي مكانٍ آخر، بل كلها موقف، كما بين ذلك عليه الصلاة والسلام حيث قال" وقفت ها هنا وعرفة كلّها موقف"، هذه بعض فضائل يوم عرفة وما فيه من الأجر والخير، وينبغي على المسلم في هذا اليوم الفضيل أن يكون حاله ما بين الخوف والرجاء، خوفٌ من عذاب الله وعقابه وعدم استجابة أو قبول الدعاء والعبادة، ورجاءٌ منه تعالى في قبول الدعاء والمغفرة وقبول التوبة ونيل المثوبة والأجر منه تعالى.
في الختام أقول: هنيئاً لكم أيها الحجاج يا من وقفتم في عرفات الله، وهنيئاً لكم أيها الصائمون في كل مكان، بهذا الأجر العظيم، والفضل الكبير، فاحفظوا جوارحكم عن كل ما حرّم الله، وابتعدوا عن كل ما نهى عنه، وأكثروا فيه من الدّعاء والتكبير والتهليل والتسبيح، وتفرّغوا فيه للعبادة والذّكر والاستغفار والتوبة، وألحّوا في الدّعاء والسؤال، فإنه يوم الدعاء، ويوم الاستجابة بإذن الله، لمن تجنّب موانع الاستجابة، ولمن ابتعد عن المحرّمات وعن كبائر الذنوب والمعاصي، واحرصوا على صيانة أسماعكم وأبصاركم وألسنتكم عن اللغو وعن الرفث وعن الفسوق، فإنها من المنغّصات، ومن المعكّرات، التي تكدّر صفو هذا اليوم الفضيل، وتمحو وتزيل بركته وفضله وسكينته.
أسأل الله العظيم أن يتقبّل من الحجيج حجهم ودعاءهم، وأن يجعل حجّهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفورا، وأن يتقبّل منّا ومن جميع المسلمين،، وكل عامٍ وأنتم، والأمة الإسلامية والعربية، بخير وصحة وعافية.[/align][/cell][/table1][/align]