لما رجع علي_رضي الله عنه_من صفين واشرف على القبور قال:(يا اهل الديار الموحشة.والمحال المقفرة والقبور المظلمة'يا اهل التربة يا اهل الغربة يا اهل الوحشة انتم لنا فرط سابق ونحن لكم تبع لاحق.
اما الدور فقد سكنت,واما الازواج فقد نكحت,واما الاموال فقد قسمت,هذا خبرها عندنا,فما خبر ما عندكم?!!).ثم التفت الى اصحابه فقال:(اما لو اذن لهم في الكلام لاخبروكم ان خير الزاد التقوى)
ان الموت حقيقة قاسية رهيبة تواجه كل حي,فلا يملك لها ردا,ولا يستطيع لها احد ممن حوله دفعا,وهي تتكرر في كل لحضة,يواجهها الكبار والصغار ,والاغنياء والفقراء ,والاقوياء والضعفاء, ويقف الجميع منها موقفا واحدا,لا حيلة ولا وسيلة ولا قوة ولا شفاعة ولا دفع ولا تاجيل مما يوحي بانها قادمة من صاحب قوة عليا لا يملك البشر معها شيئا ولا مفر من الاستسلام لها .
بيد الله_تعالى_ وحده اعطاء الحياة,وبيده استرداد ما اعطى في الموعد المضروب,والاجل المرسوم,سواء كان الناس في بيوتهم,وبين اهليهم,او في ميادين الكفاح يطلبون الرزق.. الكل مرجعه الى الله_تعالى_ محشور اليه,ما لهم مرجع سوى هذا المرجع, وما لهم مصير سوى هذا المصير, والتفاوت انما هو في العمل والنية, وفي الاتجاه والاهتمام, اما النهاية فواحدة,الموت في الموعد المحتوم,والاجل المقسوم, ورجعة الى الله,وحشر في يوم الجمع والحشر,فمغفرة من الله ورحمة, او غضب منه _سبحانه_وعذاب.
ان احمق الحمقى من يختار لنفسه المصير البائس,وهو ميت على كل حال .
لابد من استقرار هذه الحقيقة في النفس,حقيقة ان الحياة في هذه الارض موقوتة,محدودة باجل,ثم تاتي نهايتها حتما..
يموت الصالحون , ويموت الطالحون .
يموت المجاهدون , ويموت القاعدون.
يموت الشجعان الذين يابون الضيم ..
ويموت الجبناء الحريصون على الحياة باي ثمن..
ويموت ذوو الاهتمامات الكبيرة,والاهداف العالية.
ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص..
يموت الحكام,ويموت المحكومون..
يموت الالاغنياء,ويموت الفقراء..
الكل يموت.((كل نفس ذائقة الموت)).