[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://www.n3na3.com/vb/backgrounds/2.gif');border:9px solid seagreen;"][cell="filter:;"][align=center]
الفقه الذي لا ينبغي غيابه عن المحتسب أن الاحتساب يخضع لقواعد موازنة المصالح والمفاسد، لا ما تُمليه الأهواء والرغبات، ويختلف فهم الناس له حسب فهمهم لمقاصد الشرع، وكلما كان العالِم أعمق معرفة كان أكثر استيعاباً له..
إنكار المنكر من شعائر الإسلام الكبرى، والنصوص الواردة في ذلك مشهورة معروفة في محالِّها، وذمة المسلم مشغولة به -عند قيام سببه وانتفاء موانعه- حسب القدرة والاستطاعة كما قررت النصوص الشرعية ذلك، وإنكار المنكر كغيره من شعائر الدين له فقه وقواعد ينضبط بها، فإن جرى على وفق فقهه، منضبطاً بقواعده فذاك المطلوب، وإلا خرج عن حقيقته الشرعية، وانتزعت منه صفته الاعتبارية، ولم تبرأ به ذمة من تعاطاه؛ لأن الحقائق الشرعية لا عبرة بها إذا وقعت على غير وجهها، وصور وجوب الإنكار وندبيته معروفة، وإنما الذي يخفى على بعض الناس صور حرمته، وقد قرر العلماء أنه يحرم في صورتين:
الصورة الأولى: متعلقة بالشخص المتصدي له، وذلك إذا كان جاهلاً بالمعروف والمنكر؛ قالوا: لأنه إن لم يكن عارفاً بهما لم يصح له أمر ولا نهي؛ إذ لا يؤمن أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر.
الصورة الثانية: متعلقة بدرجة إنكار المنكر وأثره المترتب عليه، وذلك أنه شرع لإحقاق الحق وإبطال الباطل، فإذا كان من شأنه أن ينجرَّ به باطل أعظم من المطلوب زوالُه جرى على عكس ما شرع له، فلم يجز الإقدام عليه، وذلك بأن يخلفه ما هو شر منه، ويؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه، مثل أن ينهى عن شرب خمر فيؤول نهيه عن ذلك إلى قتل نفس وما أشبه ذلك.
قال العلامة ابن القيم متحدثاً عن شروط إنكار المنكر: «فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، «وقد استأذن الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: لا، ما أقاموا الصلاة» وقال: «من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر ولا ينزعن يداً من طاعته»، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر؛ فَطَلَبَ إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه؛ فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك -مع قدرته عليه- خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد؛ لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه».أ.ه.
وهكذا تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين في المدينة فقد كان منهم من له مكانة في عشيرته فراعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في معاملته له كما حصل مراراً في تغاضيه عن رعونات عبدالله بن أبي رئيس المنافقين، وقد ذكر بعض العلماء أنه إنما لم يحدّه حدّ القذف في حادثة الإفك مع أنه كان رأس أصحاب الإفك ومتولي كبره؛ لأن له مَنَعَةً، ويخشى من إقامته عليه تفريقُ كلمةٍ وظهورُ فتنةٍ.
وعليه فالفقه الذي لا ينبغي غيابه عن المحتسب أن الاحتساب يخضع لقواعد موازنة المصالح والمفاسد، لا ما تُمليه الأهواء والرغبات، ويختلف فهم الناس له حسب فهمهم لمقاصد الشرع، وكلما كان العالم أعمق معرفة كان أكثر استيعاباً له، ومن أحسن ما يذكر فيه ما ذكره العلامة ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية قائلاً: «وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرت عليه، وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم».\
------------------------------------------------
تحياتى لكم ألإربعــــــــــــأأأأء29إغسطـــــــــــــس2018مــ ـــ،
منصـــــــــــــووورر
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]