فصل من كتاب الدكتور
عبد الحميد هنداوي
نصيحة الاخوان في معالجة السحر والجان
الحقوق محفوظه
للناشر
محمد سيد محمود
في بيان تلبيس الشيطان علي مجاهدي الجان
في اغرائهم بدخول المعركة قبل استكمال العدة والادوات
اعلم أخي في الله أن السلف قد نصوا علي أن هذا العدو اللعين يعمل جهده علي النيل من دينك ما استطاع , فهو يجاهدك أولا علي الشرك بالله أو الكفر به , فان لم ينل ذلك منك جاهدك علي ترك الفرائض وفعل الكبائر , فان لم ينل ذلك منك جاهدك علي ترك السنن وفعل ما هو رزيل مكروه , فان لم ينل ذلك منك لم يبق الا المكر والحيلة والتلبيس عليك في الطاعة , والدخول عليك في ذلك من جانب ما تحب وتهوي , فيحبب اليك التلهي بالمباح عن المستحب والواجب , فان لم يقدر حبب اليك التلهي بالمستحب عن الفرائض والواجبات , وبذلك يوقعك في العصيان بطرق خفي , لأنك اذا تلهيت بالمستحبات عن الواجبات , فتركت ما أوجبه الله عليك , فقد عصيت الله وخالفت أوامره , ولا ينفعك عنده انشغالك بالمستحب ولا يغفر لك به تقصيرك في الواجب وذلك لأنه انما أوجب عليك الفرائض والواجبات أولا , ولم يوجب عليك المستحبات الا بعد فراغك من جملة الواجبات , فاذا ما انشغلت بالمستحب عن الواجب , كنت عابدا لهواك لا مطيعا لمولاك لأنه ما بهذا الأمر أراد أن تعبده الأن , وذلك ولله المثل الاعلي , كما لو قال السيد لعبده نظف القصر أولا ثم ان شئت فاسق الزرع , فسقي الزرع أولا وانشغل به عن نظافة القصر التي أوجبها عليه , فهو بذلك مستحق لغضب مولاه مستوجب لعقوبته , عافانا الله واياك
ولذا فقد ذكرتك بهذا أخي لنا رأيته من حال أغلب المشتغلين بهذا الأمر ان لم يكن كلهم , قد أنشغلوا به ليلهم ونهارهم وجعلوه علمهم وشغلهم , ولا علم لهم غيره ولا شفل لهم سواه
وقد دخل فيه كثير منهم في بادئ التزامه , وقبل تحصيله والمامه وقد ظنوا الأمر سهلا , فما هو الا أن يقرأ فاتحة الكتاب وأية الكرسي وفواتح البقرة وخواتمها علي المصروع أو الملبوس حتي يصرخ الجان فيكلمه من انت , وماذا تريد , اخرج عدو الله , فيخرج باذن الله , أو يحتاج الأمر الي اكثر من ذلك فلا عليه أن يكثر من تلاوة القران علي المريض ساعة أو ساعتين أو خمس ساعات أو اقل من ذلك أو أكثر فالأمر في ذلك هين ويسير وان كان يناله من ذلك التعب والارهاق بلا شك في ذلك ولكن المقصود أن الأمر هين ويسير في تصور المعالج لا يحتاج الي كثير علم أو كثير دراية
ألافاعلم يا عبد الله أن الأمر أعظم من ذلك , وأن عدوك في هذه المعركة ليس بالهين ولا السلذج , بل انه عدو لدود ماكر , قد ملأ الحقد قلبه عليك , لحد أنه يقتل نفسه من أجل اضلالك من أجل أن تشرك وتكفر بالله أي والله فان الشيطان يسمع الي الملأ الأعلي وهو يعلم علم اليقين أنه سيقتل بشهاب ثاقب , ثم يصير الي عذاب واصب ولكنه مع ذلك يضحي بنفسه , لماذا لأجل أن يسمع كلمة من الملأ الأعلي فيلقيها الي من هو أسفل منه من الشياطين وقد يصيبه الشهاب فيقتل قبل أن يلقيها ( انظر البخاري حديث 4800 , وفتح الباري 8 _ 298 ) الا أنه مع ذلك يضحي بنفسه ليشفي غيظ قلبه من ابن ادم فان هذه الكلمة تذهب بها الشياطين الي أصحابهم من الكهان ويزيدون فيها مائة كذبة فيصدق الكاهن بسبب تلك الكلمة التي نقلوها له من الملأ الأعلي فيعتقد الناس في الكاهن أنه يعلم الغيب فيكفرون بذلك , كما صح عن النبي صلي الله وعليه وسلم أنه قال ( من أتي عرافا فسأله عن شئ فصدقه , لم تقبل له صلاة أربعين يوما ) انظر صحيص مسلم حديث رقم (2230 )
فقد روي البخاري عن أبي هريرة
أن النبي صلي الله وعليه وسلم قال , اذا قضي الله الأمر في السماء ضربت الملأئكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة علي صفوان فاذا فزع عن قلوبهم , ماذا قال ربكم , قالوا للذي قال , الحق وهو العلي الكبير , فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض , ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه , فيسمع الكلمة فيلقيها الي من هوتحته , ثم يلقيها الأخر الي من تحته , حتي يلقيها علي لسان الساحر , أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة , فيقال , أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا وكذا , فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء , انظر البخاري حديث رقم (4800 ) وفتح الباري حديث رقم ( 8 _ 298 )
فانظر يا عبد الله كيف تضحي الشياطين بنفسها من أجل اضلال العباد ومن أجل أن يقعوا في الشرك والكفر بتصديق السحرة والكهان فاذا كانوا يصنعون هذا يركب بعضهم علي بعض ويضحون بأنفسهم من أجل كلمة ربما استطاعوا نقلها أو لم يستطيعوا , فالشيطان العلوي مقتول مقتول لا محالة وقد يقتله الشهاب الثاقب قبل أن يلقي الكلمة لمن هو أسفل منه , ومع ذلك يضحون بأنفسهم من أجل فتنة العباد
فهل تظن يا عبد الله أن هذا العدو الحاقد اللدود , لا يكيد لك في هذا الأمر ولا يعمل فيه علي اضلالك , بلي والله انه ليعمل فيه جهده ليوقعك في الشرك بالله , أو يوقعك ان لم يستطع في ترك ما يجب عليك من تعلم العلم النافع والدعوة الي الله , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء علي الجاهلية , واليك بيان ذلك بشئ من التفصيل
الي هنا عزيزي القارئ نتوقف الي ان نلتقي ان قدر الله لنا القاء وشكرا
اخوكم محمد سيد محمود