ومَا هِيَ الدُنيا ؟
بسم الله الرحمن الرحيم-
(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران: 185]
الحياةُ طُقُوسٌ مُتَقَلِبة..
وفُصولٌ مُختلفة..
قد تَبْدُو على قَسَمَاتِ الوجوه..
فتأملي في النفوس..وتَعلمِي منها الدروس..
فالحياةُ مدرسة..تلاميذُها البشر..
وهم فيها جلوس..
بين متعلمٍ عاقِل..وضحيةٍ جاهل..
أصبح عبرةً لكُلِ مُعْتبِر..
الحياة تُضحِك وتُبكي..
وتُصيب وتُخْطِي..
فيها فرحٌ وترح..
وراحةٌ وشقاء..
وشدةٌ ورخاء..
وهكذا هي دوماً تجمعُ الضِدانِ في أكنافها..
الحياةُ رحلة طويلة..
زادُها قليل..وعمرها قصير..
وما هي والله إلا جسرُ عبور..
ننتقِلُ بعدَهُ من سعةِ الدُورِ إلى ضِيقِ القُبور..
وفيها..
إمَّا شَقَاء..وإمَّا سُرور..
فلا تغتري بالحياة..ولا يُلهِيكِ الأمل..
وإنَّ أقواماً قد أَلهَتْهُم الدُنيا بِشَهواتِها ففرطُوا في الحقوق..
ونَسوا لحظةَ الفراق..
حين تلتفُّ الساقُ بالساق..
ويكون إلى الربِ المَسَاق..
فلا صَدقوا ولا صَلوا..
ولكن..
كذبوا وتولوا..
ونَسوا وأعْرَضوا..
أفيظُنوا بعد ذلك أن يُتركوا؟؟
كلا والله..
فالحسابُ عسير ..على من أغضبَ الله..
فيا صاحبة القلب النابض..
هاهي عَجلتكِ ما زالت تسير..
وعمرك بإذن الله مديد..
وها هي صفحاتُ أيامنا تتساقط..
فتفارِقُنا بلا عودة..
إلا أنَّ كل ما فيها قد كُتب..
إمَّا لنا ..وإمَّا علينا..
والله المستعان..
فالنهاية تقترب..
وملك الموت ينتظر الأمر من ربِ السماء..
ليقبض روحك بلا استئذان..
فاستعدي للقاء..
وانتبهي..
وخاطبي النفس..
إيه يا نفس..
إلى متى الغفلة؟؟
إلى متى ستظلينَ تلهثِينَ خلفَ السراب..
وتشربين من كأسِ المعاصي..؟؟
والله يا نفس ما أدري..
أبقيَّ في عمري بقية..؟؟
أم أنَّ أكفاني هي الآن تُنْسَج..
وقبري عن قريبٍ سيُفتح..
والله ما أدري أين داري؟؟
أفنعيم أُقيم؟؟
أم في الجحيم؟؟
فاستجمعي يا نفس قواكِ..وحاربي الشيطان..
واستعيني بمولاكِ..
واسأليه حسن الختام..
واصبري واحتسبي..
فالراحة غداً في الجنان..
وصدق من قال:
الدنيا فانية، والآخرة باقية.
فناؤها ليس في انقضاء المدة فحسب، فهذا أحد معاني الفناء. بل هي بمدتها وعمرها متضائلة، متصاغرة، ما دامت قرينتها الآخرة متزايدة، متعاظمة، حتى تصل إلى حالة من الصغر، يوازي الفناء !.