في دقيقة تقراء القرآن
الحمد لله الذي أنزل على عبده القرآن ليكون للعالمين نذيرًا،
والصلاة والسلام على من بعثه الله بشيرًا ونذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فلا يشك مسلم في فضل قراءة القرآن الكريم وعظيم أجر من تلاه بخشوع وحضور قلب وتدبر،
فآمن بمتشابهه وعمل بمحكمه، وانتهى عند نهيه، وائتمر بأمره،
وانقاد لحكمه، وأقام حروفه وحدوده على الوجه الذي يرضاه الله.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من قرأ حرفًا من القرآن فله حسنةٌ، والحسنةُ بعشر أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ
ولام حرف وميم حرف» (رواه الترمذي).
وأمام هذا الفضل العظيم والخير العميم لا يسع المؤمن الصادق إلا أن ينهل من هذا الخير المتدفق
والمعين الذي لا ينضب، وودَّ لو قرأ القرآن في ليلة واحدة أو ركعة واحدة،
لينال هذا الأجر ويفوز بهذا الثواب..
وإليك الطريقة التي تنال بها أجر تلاوة القرآن في دقيقة...
أيعقل هذا؟!
إليك شيئًا من النفحات الربانية، ودعك من الحسابات الأرضية!
الطريقة الأولى: قراءة سورة الإخلاص
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟» فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول
الله؟ فقال: «الله الواحد الصمد ؛ ثلث القرآن» (البخاري).
فلا تعجب أن تنال هذه السورة العظيمة هذا الثواب،
فهي صفة الله تعالى، وقد بلغ من فضلها أنها سبب عظيم من أسباب دخول الجنة ورضوان الله تعالى.
فعن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجلٌ من الأنصار يؤُمُّهم في مسجد قُباءٍ، وكان كلَّما افتتحَ
سورةً يقرأُ بها لهم في الصلاة مما يقرأُ به افتتحَ بـ {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ} حتى يفرغَ منها
ثمَّ يقرأُ سورةً أُخرى معها، وكان يصنعُ ذلك في كلِّ ركعةٍ،
فكلَّمهُ أصحابُهُ فقالوا: إنَّكَ تفتتحُ بهذه السورة ثمَّ لا ترى أنَّها تُجزئُكَ حتى تقرأ بأُخرى،
فإمّا أن تقرأَ بها وإما أن تدعَها وتقرأَ بأُخرى، فقال: ما أنا بتارِكها، إن أحببتُم أن أَؤُمَّكم بذلك فعلتُ،
وإن كرهتُم تركتُكم.
وكانوا يرون أنَّهُ مِن أفضلهم وكرهوا أن يؤُمَّهم غيره فلما أتاهُم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروهُ
الخبرَ، فقال: «يا فلانُ، ما يمنعُكَ أن تفعلَ ما يأمُرُكَ به أصحابُكَ، وما يحملك على لزوم هذه السورة
في كلِّ ركعةٍ؟». فقال: إني أُحِبُّها. فقال: «حُبُّكَ إيّاها أدخَلَكَ الجنَّةَ» [1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فسمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ}. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجبت» فسألته:
ماذا يا رسول الله؟ قال: «الجنَّةُ» [2].
الطريقة الثانية: قراءة سورة الكافرون
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن» (رواه الطبراني في المعجم وهو في صحيح الجامع للألباني).
وهي سورة البراءة من الشرك والكفر، ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتلاوتها قبل المنام.
فهل بعد هذا الفضل من فضل؟! في أقل من دقيقة تقرأ القرآن!