السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إنفعل الأب وهو يشاهد إحدى مباريات كرة القدم في التليفزيون فصاح مندداً بأحد اللاعبين بكلمة خارجة ونال هذا الوصف استحسان الجميع .. واستاءت الأم من تفصيل الخياط لفستانها فلفظت لفظاً غير مؤدب لقى موافقة من صديقتها .. وفى يوم من الأيام وعلى مرأى ومسمع من الضيوف صاح الطفل الصغير بنفس اللفظ فبهت الجميع وتساءلوا من أين جاء بهذه الكلمات البذيئة .
ثم إذا بالأم تسحب الطفل خارج الصالون وتضربه ضربتين قويتين على وجهه .. ولاريب أن الطفل المسكين قد سأل نفسه عن سبب ضربه لكلمة قالها والده وقالتها والدته مثلاه الأعلى ولعله قد تعجب من هذا المجتمع الظالم الذى يكيل بمكيالين .
يقول الدكتور خليل الديواني أستاذ طب الأطفال بجامعة الأزهر أن الطفل طويل اللسان مشكلة كبيرة بالنسبه لأهله وهم لا يستطيعون البقاء محايدين أمام ابنهم البذئ خوفاً من تطور سوء اخلاقه من اللفظ إلى الفعل ومن اتهامهم بالإهمال في ترتيبه وطول اللسان مشكلة لها ثلاثة أطراف الطفل والمجتمع والأهل .
أن الطفل في السنة الثانية من عمره يتعلم أشياء كثيرة جداً عن طريق التقليد فهو مثلاً حين يدخل عيادة الطبيب يمسك بسماعته ويحاول السماع بها وقد يعجب إذا لم يسمع شيئاً والطفلة الصغيرة تلاحظ أمها وهى ترتب السرير فتحاول مساعدتها في تربية .. وأول معلم للكلام في حياة الطفل هم أهله فهم أن تكلموا الإنجليزية تكلمها وأن تكلموا الصينية نطق بها وأن لفظوا بزيئاً ردده دون أن يفهم معناه وهذه هى أولى مراحل الطفل طويل اللسان .. ويتوقف تطور الحالة على معالجة الموضوع في أولى مراحله .. فهناك أهل يضحكون جداً ويسعدون عندما ينطق الطفل بأحدى هذه الكلمات وهذا يشجعه كثيراً على ترديدها وترديد غيرها
ويضيف الدكتور خليل الديواني أن الصنف الأول من الأهل هو من يعنف الطفل بشدة عند ترديده للفظ بزئ قد يضربه ضرباً موجعاً قاسياً .. أن الأهل هم مصدر هذا اللفظ .. فالطفل لا يكون كلماته بقراءة مختار الصحاح بل بالاستماع إلى أهله وسكان البيت كلهم بما فيهم الشغالة .. وقد تنجح هذه الطريقة ولكنها غالباً ما تفشل فالطفل يبدأ في استعمال اللفظ كسلاح لاثارة الاهتمام حتى ولو أدى هذا الأمر إلى الضرب .
أما الصنف الثاني من الأهل فهو من يتحاشى التلفظ بمثل هذه الالفاظ على الأقل أمام الابناء فإذا رد الطفل أحدها في يوم من الأيام تجاهلوه تماما وأن لم يفد التجاهل خاطبوه في هدوء وتعقل قائلين هل سمعنا نردد هذه الكلمات قبلاً طبعاً لا .. فهى كلمات لا تليق بالأشخاص المهذبين مثلك وأن لم يفد هذا وينجح ننقل إلى المرحلة التالية بحرمانه مما يجب كالفسحة أو الشيكولاتة مثلاُ وإذا لم يقد وينجح اللين بعد كل هذا فلا مانع أبداً في أخر الأمر من علقة ساخنة مع البحث عن المصدر الذى أتى منه البرئ بهذه الكلمات ويستطيع الأهل بهذا كله حماية الطفل من سوء اللفظ والبذاءة حتى يصل إلى مرحلة جديدة وهى مرحلة المدرسة وفيها يجتمع عنصران معاً من سن السادسة وما يتبعه من حب الاستقلال ودخول المدرسة .. المجتمع الجديد الذى يجمع المستويات الخلقية .