بسم الله الرحمن الرحيم
كشفت دراسة طبية جديدة عن العلاقة الكيميائية بين الإجهاد العصبي والبدانة، وأن الإجهاد قد يستحث البدانة بفتح أو تنشيط خلايا الجسم الدهنية.
فقد عثر باحثون من معهد غارفن للأبحاث الطبية بمدينة سيدني الأسترالية على الجزيء الكيميائي الذي يطلقه الجسم لدى تعرضه للإجهاد، ويسمى نيوروبيبتايدY أو (NPY)، وهو يحرر مستقبلات معينة بخلايا الدهن، مسببا نموها حجما وعددا.
لكنهم وجدوا أيضا أن بالإمكان اعتراض مستقبلات (Y2)، بحيث يتوصلون في نهاية الأمر إلى تطوير عقاقير جديدة تناهض البدانة المتصلة بالإجهاد.
الإجهاد والغذاء
كما أدركوا أن نيوروبيبتايدY يلعب دورا رئيسا في الحالات المرضية الأخرى الناجمة عن الإجهاد المزمن، كضعف المقاومة للعدوى. أما الآن فقد تعرف العلماء على المسار الفعلي المحدد، أو سلسلة الأنشطة الجزيئية، التي تربط الإجهاد المزمن بالبدانة.
في الجزء الأول من الدراسة، المنشور بمجلة "نيتشر-مديسين"، أجرى الباحثون تجاربهم على مجموعتين من الفئران، إحداهما تعرضت للإجهاد والأخرى غير مجهدة. وقاموا بإطعامهما غذاء قياسياً وغذاء آخر مرغوبا غنيا بالدهون والسكر.
وكما هو متوقع، الفئران التي تناولت غذاء غنيا بالسكر والدهون اكتسبت وزنا دهنيا إضافيا، بينما لم يحدث ذلك لدى فئران الغذاء القياسي.
لكن الباحثين وجدوا أن الفئران المعرضة للإجهاد وتناولت غذاء غنيا بالسكر والدهون قد كونت دهونا إضافية في أجسادها أكثر مما فعلت الفئران غير المجهدة لدى تناولها لنفس الغذاء.
تلك النتائج دفعت الباحثين إلى النظر في الفروق التي أدت بالفئران المعرضة للإجهاد إلى استيعاب وتخزين الدهون على ذلك النحو.
اعتراض المستقبلات
يقول فريق البحث إنه لم يكن بوسعه فعل شيء بخصوص مستويات نيوروبيبتايدY المرتفعة والناجمة عن الإجهاد، لكنه استطاع مناهضة العطب الذي يسببه.
ووجد أنه لدى اعتراض مستقبلات Y2 لمدة أسبوعين لدى الفئران المعرضة للإجهاد، انخفضت ترسيبات دهون البطن لدى تلك الفئران بنسبة 42%.
وتقول الباحثة زوفيا زوكاوسكي من جامعة جورج تاون بواشنطن، إنه إضافة إلى تراجع دهون البطن، فوجئ الباحثون بأن تلك الفئران التي شهدت تغيرات سلبية في عملية الأيض "الميتابوليزم" ذات صلة بالإجهاد والغذاء، مثل عدم تحمل السكر وارتفاع مستوى دهون الكبد، قد شهدت انخفاضا ملموسا في تلك الحالات.
وتضيف زوكاوسكي أن النتائج التي توصل إليها الباحثون تشير إلى أنه بإمكانهم علاج أو منع البدانة الناجمة عن الإجهاد والغذاء، بما في ذلك أسوأ أنواع البدانة ذات الشكل التفاحي، والتي تجعل المصابين بها أكثر عرضة لأمراض القلب والبول السكري.